حذّر الخبير الاقتصادي جاسم العكلة من أن حذف صفرين أو ثلاثة من العملة السورية لن يكون كافياً لمعالجة الأزمة الاقتصادية العميقة، مؤكداً أن النظام المصرفي في البلاد يعاني من انهيار هيكلي ممتد منذ أكثر من ستة عقود.
وأوضح العكلة في تصريح خاص لموقع تلفزيون سوريا أن هذه الخطوة تُعتبر إجراءً تلجأ إليه الدول التي تعاني من تضخم حاد أو انهيار في قيمة العملة، مشيراً إلى أن الليرة السورية فقدت أكثر من 95% من قيمتها، وأن سوريا تعيش هذين العاملين معاً.
وأضاف أن التجارب الدولية أثبتت أن نجاح مثل هذه الإجراءات مرهون بوجود إصلاحات اقتصادية وهيكلية، مستشهداً بتجربة تركيا عام 2005 التي ترافقت مع إصلاحات عميقة فحققت نجاحاً، في حين فشلت دول أخرى مثل الأرجنتين وزيمبابوي بسبب غياب الإصلاحات.
وشدد العكلة على أن أي معالجة حقيقية تتطلب إعادة هيكلة شاملة للقطاع المالي والمصرفي، مشيراً إلى أن الأمر طُرح مؤخراً في مؤتمر حول البيئة الجاذبة للاستثمار بجامعة دمشق، بحضور ممثلين عن المصرف المركزي المصري.
إصدار عملة جديدة وضخها في السوق
وحول خطة طباعة عملة جديدة بعد حذف الأصفار، قال العكلة إن الهدف المعلن هو الحد من تزوير العملة وتهريب الأموال والمضاربة. واعتبر أن الخطوة قد تساعد على تحسين “الصورة الذهنية” للعملة لدى المواطنين، لكنها لن تؤدي إلى خفض الأسعار أو رفع دخل المواطن، بل قد تُحدث إرباكاً مؤقتاً في السوق إذا لم تترافق مع إصلاحات شاملة.
رؤية وزارة الاقتصاد
من جانبه، أوضح المستشار الأول في وزارة الاقتصاد والصناعة السورية أسامة القاضي أن إصدار العملة الجديدة سيساهم في معالجة ثلاث مشكلات أساسية: غسيل الأموال، التزوير، والمضاربة، إضافة إلى حل أزمة السيولة وتعزيز الثقة بين المودعين والمصارف.
وأشار القاضي إلى أن العملة الجديدة ستُفقد أي أوراق نقدية مزوّرة قيمتها فور طرحها، ما يتطلب رقابة صارمة من الجهات المصرفية والأمنية لمنع محاولات غسيل الأموال.
خطة المصرف المركزي
بدوره، كشف عبد القادر الحصرية، حاكم مصرف سورية المركزي، أن إصدار العملة الجديدة جزء من خطة الإصلاح المالي والنقدي، مؤكداً أن المشروع لا يزال قيد الدراسة ويتطلب تحضيرات لوجستية واسعة.
وأوضح الحصرية أن لجاناً متخصصة تضم ممثلين عن المصارف العامة والخاصة والمركزي بدأت دراسة متطلبات التغيير، وأن المصرف لم يبرم بعد أي اتفاق نهائي بشأن مكان طباعة العملة الجديدة، مشيراً إلى أن الخيارات مفتوحة بين مصدرين أو ثلاثة وفق دفتر شروط فني ومالي، مع السماح لشركات دولية بتقديم عروضها.
كما أكد أن خيار حذف صفرين من العملة الحالية مطروح ضمن الخطة، وهو إجراء مطبَّق في نحو 70 دولة حول العالم لتسهيل المعاملات وتقليل حجم الكتلة النقدية.
خلاصة
يتفق الخبراء على أن حذف الأصفار وإصدار عملة جديدة قد يساهمان في تحسين الثقة وتقليل التزوير، لكن الحل الجذري يبقى مرهوناً ببدء إصلاحات هيكلية شاملة للنظام المالي والمصرفي وضبط السياسة النقدية بما يتناسب مع حجم التحديات الداخلية والإقليمية التي تواجه الاقتصاد السوري.